دروس أصدقاء واشنطون القاسية ما يزال البعد السياسي في ثورة تونس، ومن بعدها الثورة المصرية، ضد السلالات البنعلية والفرعونية المباركية الحاكمة، غائباً عن المشهد ولا يمكن تحريه في هذه المعمعة، ونقصد بالبعد السياسي، تموضع هذين النظامين استراتيجياً في معسكر واشنطن وإسرائيل في المنطقة، وخدمتهما المطلقة للسياسة الأمريكية ومصالحها في المنقطة، ولم نجد في هتافات المتظاهرين، واللافتات المرفوعة، ما يشي بهذا البعد رغم أهميته المطلقة فيما آلت إليه الأوضاع، وذلك من خلال استخفاف النظامين بالعامل الداخلي من خلال الاطمئنان على دعم واشنطن، ومن ورائها إسرائيل لهذين النظامين، ووقوفهما العلني إلى جانب هذين النظامين.
وقد بدت الولايات المتحدة منخرطة في الحدثين منذ المباركة الأوبامية الأولى للثورة في تونس ورفع يدها، كما غطائها، عن بن علي تاركة إياه يواجه مصيره لوحده، وقد فهم معظم حلفاء واشنطون هذه الرسالة، وعبروا عن رفضهم استقبال الطاغية، أو التعامل معه، أو حمايته بشكل من الأشكال. كما لعبت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون، دور المعلم "الشامت" والناصح للحليف الفرعوني السابق والأقوى في المنطقة، ولم تخل تصريحاتها من ملاحظات وتلميحات جارحة، بحق الفرعون المؤسس للسلالة المباركية الأولى، داعية إياه، وبشكل مبطن، إلى الخروج الآمن، رافعة، في نفس الوقت، اليد الأمريكية، التي احتضنته ورعت نظامه على مدى ثلاثين عاماً، تاركة إياه، يقلع شوكه بنفسه، ممهدة الطريق، وربما استعداداً لعقد صفقات وصداقات جديدة مع من سيخلفه، تجسيداً للبراغماتية والماكيافيللية السياسية المعروفة في تحري إتباع والبحث المصالح، حتى لو كانت مع الأبالسة والشياطين.
وفي الحقيقة تعتمد اليوم كثير من أنظمة المنطقة، في بقائها على دعم أمريكا وإسرائيل. وتستقوي الكثير من الأنظمة الغاشمة والجائرة على شعوبها، وعلى شعوب وأنظمة المنطقة الأخرى، من خلال تلك الوشائج والعلاقات الوثيقة مع الغرب، ودعمه اللا محدود لها في مواجهة أية مطالب شعبية وإصلاحية وتغييرية، وقد كان لهذا الدعم والتحالف والعلاقات الوثيقة ثمرته الواضحة في بقاء واستدامة بعض من أنظمة المنطقة ولاسيما تلك المسماة والموصوفة بالاعتدال، والتي لا تتورع عن تنفيذ كل ما هو مطلوب منها، والذهاب بعيداً في الامتثال لإملاءات واشنطن وتل أبيب، حتى بدا بعض من رموزها، بأنهم مجرد أمناء وسفراء، ووزراء خارجية لأمريكا وإسرائيل. ولعلها من فضائل سياسة أمريكا الكبرى، هذا إن أمكن الحديث عن أية فضائل أمريكية، هي أنها تتخلى عن عملائها وترميهم بدون رأفة ولا شفقة عند أول مناسبة، وحين تشعر أنهم استهلكوا شعبياً، وإعلامياً، وربحياً، وشاخوا وهزلوا ولم يعد بالإمكان "حلبهم" أو الاعتماد عليهم في شيء.
وتكرر هذا الأمر في أكثر من مرة، ومثال قريب بدءً من شاه إيران الحليف الأقوى وشرطي الخليج السابق المعتمد من واشنطن الذي كان يرهب الشيوخ الخلايجة ويتطلعون لاسترضائه ومحاباته، وليس انتهاء ببن على وتسهيلاته الجليلة اللتي قدمها، وكان على رأسها تصفية بعض قادة المقاومة الفلسطينية في ذروة اشتداد الانتفاضة الفلسطينية الأولى التي أحرجت إسرائيل كثيراً، وطبعاً من دون أن ننسى "المحنة" والفضيحة التي يعيشها اليوم نظام مبارك الحليف الأقوى لإسرائيل وأمريكا في المنطقة، وحارس بوابة غزة الذي يفرض الحصار عليها، وتحول رموز نظامه من أبي "الغيظ" (لايوجد خطأ إملائي ها هنا)، إلى نائب الرئيس الجديد عمر سليمان، إلى مجرد سعاة وحاملي ومؤتمني بريد للخارجية الإسرائيلية.
من نافل القول أن خدمات الرئيس مبارك قد انتهت. ومكافأة نهاية الخدمة لهذا "الموظف" قد صدرت End of Service، ويا لها من مكافأة تليق به وفي الحقيقة لا يوجد غيرها من مكافآت. وأصدقاء واشنطون، على العموم، يعيشون اليوم في محنة، حقيقية، فأيهما فعلوا، وكما قال سقراط، ندموا عليه. فلا صداقة واشنطون وخدماتهم الجليلة لها ستحميهم، ولا النأي عنها والتزام مصالح بلادهم وشعوبهم سيريحهم هذا إن كانوا هم بقادرين عليه أصلاً، وحين تدق ساعة الحسم، وتبدأ الجماهير الغاضبة في الشوارع، قد لا تنفعهم صداقة واشنطون وكل ما قدموه من أجلها فحتى كلمة رثاء واحدة، وقراءة الفاتحة على أرواحهم "غير الطاهرة" استكثرتها عليهم أمريكا ولم تمنحهم حتى شرف الرثاء والاسترحام. لم نكن نتصور، وفي أسوأ الأحوال، وهذه النهايات المأساوية المفجعة كأبطال التراجيديا الإغريقية القديمة لمبارك وغيره من "الأبطال"، وعذراً شديداً من كل أبطال تلكم التراجيديات، والرجل كانت تليق به خدمة ومكافأة أثمن وأفضل من هذه المكافأة بكثير. فما يعيشه اليوم حلفاء واشنطون، ما هو، وببعده الرمزي المحض، سوى مكافأة نهاية الخدمة، لكل من وضع نفسه، في خدمة التنين "الأمريكي"، ويا لها من مكافأة، تليق بهم، ويستحقونها، أيما استحقاق، وربما لا يوجد غيرها من مكافأة يمكن أن تمنح لكل من وضع نفسه في خدمة أولئك العرابين الكبار القابعين فيما وراء البحار. والعقى الكبرى، بمكافآت مماثلة، للبقية الباقية من خدام أمريكا والإسرائيليين
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
وقد بدت الولايات المتحدة منخرطة في الحدثين منذ المباركة الأوبامية الأولى للثورة في تونس ورفع يدها، كما غطائها، عن بن علي تاركة إياه يواجه مصيره لوحده، وقد فهم معظم حلفاء واشنطون هذه الرسالة، وعبروا عن رفضهم استقبال الطاغية، أو التعامل معه، أو حمايته بشكل من الأشكال. كما لعبت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون، دور المعلم "الشامت" والناصح للحليف الفرعوني السابق والأقوى في المنطقة، ولم تخل تصريحاتها من ملاحظات وتلميحات جارحة، بحق الفرعون المؤسس للسلالة المباركية الأولى، داعية إياه، وبشكل مبطن، إلى الخروج الآمن، رافعة، في نفس الوقت، اليد الأمريكية، التي احتضنته ورعت نظامه على مدى ثلاثين عاماً، تاركة إياه، يقلع شوكه بنفسه، ممهدة الطريق، وربما استعداداً لعقد صفقات وصداقات جديدة مع من سيخلفه، تجسيداً للبراغماتية والماكيافيللية السياسية المعروفة في تحري إتباع والبحث المصالح، حتى لو كانت مع الأبالسة والشياطين.
وفي الحقيقة تعتمد اليوم كثير من أنظمة المنطقة، في بقائها على دعم أمريكا وإسرائيل. وتستقوي الكثير من الأنظمة الغاشمة والجائرة على شعوبها، وعلى شعوب وأنظمة المنطقة الأخرى، من خلال تلك الوشائج والعلاقات الوثيقة مع الغرب، ودعمه اللا محدود لها في مواجهة أية مطالب شعبية وإصلاحية وتغييرية، وقد كان لهذا الدعم والتحالف والعلاقات الوثيقة ثمرته الواضحة في بقاء واستدامة بعض من أنظمة المنطقة ولاسيما تلك المسماة والموصوفة بالاعتدال، والتي لا تتورع عن تنفيذ كل ما هو مطلوب منها، والذهاب بعيداً في الامتثال لإملاءات واشنطن وتل أبيب، حتى بدا بعض من رموزها، بأنهم مجرد أمناء وسفراء، ووزراء خارجية لأمريكا وإسرائيل. ولعلها من فضائل سياسة أمريكا الكبرى، هذا إن أمكن الحديث عن أية فضائل أمريكية، هي أنها تتخلى عن عملائها وترميهم بدون رأفة ولا شفقة عند أول مناسبة، وحين تشعر أنهم استهلكوا شعبياً، وإعلامياً، وربحياً، وشاخوا وهزلوا ولم يعد بالإمكان "حلبهم" أو الاعتماد عليهم في شيء.
وتكرر هذا الأمر في أكثر من مرة، ومثال قريب بدءً من شاه إيران الحليف الأقوى وشرطي الخليج السابق المعتمد من واشنطن الذي كان يرهب الشيوخ الخلايجة ويتطلعون لاسترضائه ومحاباته، وليس انتهاء ببن على وتسهيلاته الجليلة اللتي قدمها، وكان على رأسها تصفية بعض قادة المقاومة الفلسطينية في ذروة اشتداد الانتفاضة الفلسطينية الأولى التي أحرجت إسرائيل كثيراً، وطبعاً من دون أن ننسى "المحنة" والفضيحة التي يعيشها اليوم نظام مبارك الحليف الأقوى لإسرائيل وأمريكا في المنطقة، وحارس بوابة غزة الذي يفرض الحصار عليها، وتحول رموز نظامه من أبي "الغيظ" (لايوجد خطأ إملائي ها هنا)، إلى نائب الرئيس الجديد عمر سليمان، إلى مجرد سعاة وحاملي ومؤتمني بريد للخارجية الإسرائيلية.
من نافل القول أن خدمات الرئيس مبارك قد انتهت. ومكافأة نهاية الخدمة لهذا "الموظف" قد صدرت End of Service، ويا لها من مكافأة تليق به وفي الحقيقة لا يوجد غيرها من مكافآت. وأصدقاء واشنطون، على العموم، يعيشون اليوم في محنة، حقيقية، فأيهما فعلوا، وكما قال سقراط، ندموا عليه. فلا صداقة واشنطون وخدماتهم الجليلة لها ستحميهم، ولا النأي عنها والتزام مصالح بلادهم وشعوبهم سيريحهم هذا إن كانوا هم بقادرين عليه أصلاً، وحين تدق ساعة الحسم، وتبدأ الجماهير الغاضبة في الشوارع، قد لا تنفعهم صداقة واشنطون وكل ما قدموه من أجلها فحتى كلمة رثاء واحدة، وقراءة الفاتحة على أرواحهم "غير الطاهرة" استكثرتها عليهم أمريكا ولم تمنحهم حتى شرف الرثاء والاسترحام. لم نكن نتصور، وفي أسوأ الأحوال، وهذه النهايات المأساوية المفجعة كأبطال التراجيديا الإغريقية القديمة لمبارك وغيره من "الأبطال"، وعذراً شديداً من كل أبطال تلكم التراجيديات، والرجل كانت تليق به خدمة ومكافأة أثمن وأفضل من هذه المكافأة بكثير. فما يعيشه اليوم حلفاء واشنطون، ما هو، وببعده الرمزي المحض، سوى مكافأة نهاية الخدمة، لكل من وضع نفسه، في خدمة التنين "الأمريكي"، ويا لها من مكافأة، تليق بهم، ويستحقونها، أيما استحقاق، وربما لا يوجد غيرها من مكافأة يمكن أن تمنح لكل من وضع نفسه في خدمة أولئك العرابين الكبار القابعين فيما وراء البحار. والعقى الكبرى، بمكافآت مماثلة، للبقية الباقية من خدام أمريكا والإسرائيليين
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]